لم تعد الشركات اليوم معنية فقط بما ينتجه موظفوها، بل بمدى اندماجهم وحماسهم في كل لحظة في مكان العمل، فلم تعد مشاركة الموظّف مجرد خيار تنظيمي إضافي، بل عنصرًا محوريًا يؤثّر مباشرة على أداء المنشآت وربحيتها. فعلى الصعيد العالمي، أظهرت بيانات Gallup أن نسبة الموظفين الذين يعتبرون «منخرطين فعليًا» بلغت نحو 21٪ في عام 2024، بانخفاض من 23٪ في العام السابق، ما أدّى إلى خسائر في الإنتاجية تُقدَّر بنحو 438 مليار دولار أمريكي على المستوى العالمي.

سنكتشف في هذا المقال، كيف يمكن لمشاركة الموظفين أن تُحدث فرقًا حقيقيًا في أداء الشركات ونجاحها!

جدول المحتويات:

ما هي مشاركة الموظفين؟

مشاركة الموظفين (Employee Engagement) هي مدى انخراط الموظف عاطفيًّا وعمليًّا في عمله وفي أهداف الشركة، فالموظف المشارك لا يكتفي بأداء مهامه، بل يشعر بالانتماء والمسؤولية تجاه نجاح الشركة، ويُظهر مبادرة في تحسين العمليات والمساهمة بالأفكار والحلول.

أبعاد المشاركة:

  • المشاركة العاطفية: شعور الموظف بالرضا والانتماء والثقة بالمنشأة.
  • المشاركة السلوكية: التزام الموظف بالمبادرة وتحقيق النتائج وتقديم الأداء الأفضل.
  • المشاركة الفكرية: استعداد الموظف لتقديم أفكار مبتكرة والمساهمة في تحسين العمليات.

لماذا مشاركة الموظفين وتفاعلهم مهم؟

  • زيادة الإنتاجية: الموظفون الملتزمون ينجزون مهامهم بجودة أعلى وبفعالية أكبر.
  • تقليل معدل الدوران الوظيفي: الموظف الذي يشعر بالارتباط بالشركة أقل ميلاً للرحيل.
  • تعزيز ثقافة الشركة: المشاركة الفعالة تبني بيئة عمل إيجابية، محفزة للابتكار والتعاون.

باختصار، مشاركة الموظفين ليست رفاهية إدارية، بل استثمار استراتيجي في العنصر البشري ينعكس مباشرة على نجاح المؤسسة وربحيتها.

الفرق بين المشاركة السطحية والمشاركة الفعّالة للموظف

ليست كل مشاركة موظف واحدة؛ فهي تتراوح بين مشاركة سطحية ومشاركة فعّالة، ويُحدث الفرق بينهما أثرًا كبيرًا على أداء الشركة ورضا الموظف.

المشاركة السطحية (Surface Engagement)

  • الموظف يؤدي المهام المطلوبة منه فقط، دون شعور بالانتماء أو الالتزام العميق.
  • يقتصر دوره على "العمل الروتيني" دون تقديم أفكار جديدة أو المبادرة لتحسين الأداء.
  • غالبًا ما تكون هذه المشاركة مؤقتة، وتتأثر سريعًا بالضغوط أو التغيرات التنظيمية.

مثال: موظف يحضر إلى العمل ويُنجز مهامه فقط، لكنه لا يشارك في الاجتماعات بفاعلية أو تقديم اقتراحات.

المشاركة الفعّالة (Active Engagement)

  • الموظف ملتزم عاطفيًا ومهنيًا، يشعر بالمسؤولية تجاه أهداف الشركة.
  • يبادر بالتحسينات، يقدم أفكار مبتكرة، ويساهم في نجاح المشاريع بشكل ملحوظ.
  • تأثيره يمتد إلى زملائه، حيث يخلق بيئة عمل إيجابية ومحفزة.

مثال: موظف يشارك في وضع استراتيجيات الفريق، يقترح حلولًا عملية، ويسعى لتطوير مهاراته باستمرار.

لماذا الفرق مهم؟

  • الشركات التي تعتمد فقط على مشاركة سطحية غالبًا ما تفقد فرص تحسين الأداء والابتكار.
  • المشاركة الفعّالة ترتبط مباشرة بزيادة الإنتاجية، خفض معدل الدوران الوظيفي، ورفع مستوى رضا العملاء.
  • قياس نوع المشاركة يمكن أن يساعد في تصميم برامج تحفيزية مناسبة لكل مستوى من الموظفين.

أهمية مشاركة الموظفين

تُعد مشاركة الموظفين أحد أقوى المحركات التي تُحدد نجاح المؤسسة واستقرارها على المدى الطويل. فحين يشعر الموظف أنه جزء من الرؤية، وأن صوته مسموع وجهده مُقدّر، يتحول من منفّذ للأوامر إلى شريك في الإنجاز.

1. تحسين الأداء والإنتاجية

تشير دراسات Gallup إلى أن الفرق التي تمتلك مستويات عالية من المشاركة تحقق إنتاجية أعلى بنسبة 17% من غيرها، مع ربحية أكبر بنسبة 21%. Gallup, 2024

فالموظف المشارك يبذل جهدًا إضافيًا، يتعاون مع زملائه بمرونة، ويهتم بجودة العمل قبل كميّته.

2. الاحتفاظ بالمواهب وتقليل معدل الدوران الوظيفي

كلّما زادت درجة مشاركة الموظف، ارتفع معدل بقائه في الشركة. الموظف الذي يشعر بالتقدير والانتماء لا يبحث عن فرصة بديلة بسهولة، مما يُخفّف من تكاليف التوظيف والتدريب المرتبطة بالاستبدال المتكرر.

3. تعزيز ثقافة الولاء والانتماء

المنشآت التي تزرع بيئة مشاركة إيجابية تُنشئ فرق عمل متماسكة، حيث يتحول الولاء من “وظيفة” إلى “رسالة”.

تنعكس هذه الثقافة في التعامل مع العملاء، وفي مرونة الشركة أثناء التحديات أو الأزمات.

4. دعم الابتكار والتحول التنظيمي

عندما تُشرك الشركة موظفيها في صنع القرار والتطوير، تُحفّز التفكير الإبداعي وتفتح المجال لحلول واقعية نابعة من خبرة الميدان.

الموظف المشارِك يصبح مصدر معرفة داخلية، مما يجعل الابتكار ممارسة جماعية لا فردية.

5. التأثير على رضا العملاء والنتائج النهائية

تؤكد الأبحاث أن مشاركة الموظفين ترتبط إيجابًا برضا العملاء، لأن الموظف المتفاعل يقدم خدمة أفضل، ويتعامل بشغف واهتمام أكبر. في النهاية، المشاركة الجيدة تنعكس على سمعة العلامة التجارية وربحيتها.

باختصار: مشاركة الموظفين ليست مجرد مؤشر “نَعم/لا” في استبيان الموارد البشرية، بل مؤشر حيوي لصحة الشركة، يقيس مدى ارتباطها الحقيقي بأهم أصولها: الإنسان.

المشاركة الفعّالة للموظف

المشاركة الفعّالة لا تُقاس بعدد المهام التي يؤديها الموظف، بل بدرجة حضوره الذهني والعاطفي في العمل. إنها حالة يتجاوز فيها الموظف الدور الوظيفي التقليدي إلى شعور بالمسؤولية والانتماء، تجعله يرى نجاح الشركة جزءًا من نجاحه الشخصي.

في بيئة المشاركة الفعّالة، يتحول العمل من “واجب يومي” إلى “قيمة مضافة” يشعر الموظف بالفخر لتقديمها.

لهذا فإن عناصر المشاركة الفعّالة:

التواصل الواضح والمفتوح

التواصل هو نقطة البداية لأي مشاركة حقيقية. عندما يشعر الموظف أن صوته مسموع، وأن الإدارة تشاركه المعلومات بوضوح وشفافية، تتكوّن لديه ثقة في المنظمة وأهدافها.

التواصل الفعّال لا يعني كثرة الاجتماعات، بل جودة الحوار واتجاهه المتبادل، من الإدارة إلى الموظف، ومن الموظف إلى الإدارة.

بيئة العمل التي تتيح مساحة للنقاش والاقتراحات تولّد حسًّا بالتمكين، وتمنح الموظف شعورًا بأنه شريك في صناعة القرار لا مجرد منفّذ له.

التقدير والاعتراف بالجهد

التقدير ليس مكافأة مالية فقط؛ بل هو اعتراف صادق بقيمة الجهد المبذول، فالموظف الذي يسمع “أحسنت” أو يرى جهده موثّقًا أمام زملائه، يضاعف التزامه تلقائيًا.  وتشير الدراسات إلى أن الاعتراف بإنجاز الموظف ولو بكلمة شكر بسيطة يزيد احتمالية مشاركته الفعّالة بنسبة تتجاوز 60%.

فالشركات التي تبني ثقافة التقدير لا تحتاج دائمًا إلى حوافز ضخمة؛ لأنها تغذي دافعًا داخليًا أقوى لدى موظفيها: الشعور بالتقدير والاحترام.

التحفيز المستمر والتطوير المهني

المشاركة لا تزدهر في بيئة جامدة، بل تنمو حين يشعر الموظفون بأنهم جزء من منظومة حية تتحدى قدراتهم وتؤمن بإمكاناتهم. فهم يحتاجون إلى تحديات جديدة وفرص مستمرة للتعلّم، وإلى إحساسٍ واضح بأن الشركة تستثمر في نموّهم المهني والشخصي.

ولذلك، فإن التحفيز المستمرّ يعني أن الشركة تعرف ما الذي يُلهم موظفيها وتغذّيه على نحوٍ دائم؛ سواء عبر برامج تدريبية محفّزة، أو تكليفات عملية جديدة، أو فتح آفاق للقيادة والمسؤولية.

وبهذا يتكوّن حلْقَة إيجابية متبادلة: فكلما شعر الموظف بأن الشركة تراهن عليه وتمنحه الثقة، ازداد التزامه وولاؤه لها، وتعززت مشاركته الفعّالة في تحقيق أهدافها.

كيف تؤثر المشاركة الفعّالة على الإنتاجية وجودة العمل؟

المشاركة الفعّالة تُغيّر سلوك الموظف من الداخل. فهو لا يعمل لأن عليه أن يعمل، بل لأنه يريد أن يحقّق نتيجة.

هذا التحوّل الذهني والعاطفي هو ما يجعل الفرق بين فريق يؤدي المطلوب وفريق يُبدع فيما يؤديه.

رفع الإنتاجية

الموظفون المنخرطون فعليًا يُظهرون مستويات طاقة أعلى، يقدّمون حلولًا أسرع، ويتعاملون مع التحديات بإيجابية. بيئة المشاركة تقلّل الهدر في الوقت والجهد لأنها تعزز التركيز على الهدف الجماعي.

تحسين جودة العمل

المشاركة تُولد إحساسًا بالفخر، والفخر ينتج اهتمامًا بالتفاصيل. الموظف المشارك لا يقبل بمنتج “جيد بما يكفي”، بل يسعى إلى أن يكون الأفضل.

تعزيز التعاون والانسجام

المشاركة الفعّالة ليست فردية، بل جماعية. عندما يُشارك الجميع بوعي، تقل النزاعات، وتزداد روح الفريق، ويُصبح التفاعل بين الأقسام أكثر سلاسة ووضوحًا.

تقوية الولاء والاستدامة

المنشآت ذات معدلات مشاركة مرتفعة تمتلك قدرة أكبر على الاحتفاظ بالمواهب، لأن الموظف يرى نفسه جزءًا من رحلة الشركة لا مجرد محطة مؤقتة فيها.

باختصار، المشاركة الفعّالة ليست برنامجًا يُنفّذ أو حملة داخلية مؤقتة؛ إنها ثقافة تنظيمية مستمرة تُترجم في كل تفاعل يومي، وكل قرار إداري، وكل لحظة تقدير صادقة.

مشاركة الموظفين في إنجاز العمل

لا تكتمل ثقافة المشاركة داخل الشركة إلا عندما تتحول من فكرة نظرية إلى ممارسة يومية ملموسة يعيشها الموظفون في تفاصيل عملهم. فكل مشروع أو مهمة، مهما كانت بسيطة، تمثل فرصة لتعزيز روح التعاون وتحويل الجهود الفردية إلى إنجاز جماعي متكامل. ومن هنا، يبدأ دور الموظف الحقيقي في المساهمة بصنع القرار والمشاركة في تحقيق النتائج.

1. دور الموظف في اتخاذ القرار والمساهمة في المشاريع

لا يقتصر مفهوم مشاركة الموظف في إنجاز العمل على أداء المهام المطلوبة فحسب، بل يمتد ليشمل القدرة على اتخاذ القرار والمساهمة في رسم اتجاه المشاريع. عندما يُمنح الموظفون الثقة للمشاركة في التخطيط وتقديم المقترحات، يشعرون بأنّ رأيهم له وزن وتأثير في النتائج النهائية. هذا النوع من التمكين يُحوّلهم من منفّذين إلى شركاء في صناعة النجاح، مما يعزّز التزامهم ويحفّزهم على العمل بروح الفريق.

2. آليات إشراك الموظفين في الإنجازات اليومية

يمكن للمنظمات تعزيز المشاركة اليومية عبر أنظمة وآليات عملية تشجع الموظفين على التفاعل والمبادرة. من أبرزها: الاجتماعات التفاعلية القصيرة التي تُراجع تقدم العمل، ولجان التحسين الداخلي التي تمنح الفرصة لاقتراح حلول تطويرية، بالإضافة إلى أنظمة الخدمة الذاتية للموظفين التي تمكّنهم من إدارة مهامهم وتحديث بياناتهم والمساهمة في سير العمل بشكل مباشر. هذه الأدوات لا تزيد الكفاءة فحسب، بل تغرس شعورًا بالاستقلالية والمسؤولية في كل موظف.

اكتشف كيف تجعل المشاركة اليومية أكثر فعالية وسلاسة، من خلال بوابة الخدمة الذاتية لنظام تالنتو، ومكّن لموظفيك من الوصول إلى مهامهم وإدارة بياناتهم بسهولة ومرونة، اطلب العرض التجريبي الآن!

3. أثر المشاركة على شعور الموظف بالانتماء والمسؤولية

كلما زادت مساهمة الموظف في الإنجاز اليومي، تعزز لديه الإحساس بالانتماء إلى الفريق والشركة. فالموظف الذي يرى أثر جهده في النتائج يشعر بأنّه جزء من قصة النجاح، لا مجرد رقم في الهيكل الوظيفي. هذه المشاركة تخلق علاقة إنسانية ومهنية متينة قائمة على الثقة المتبادلة، وتدفع الموظفين إلى تحمّل المسؤولية الطوعية في أداء أعمالهم بأعلى جودة ممكنة.

مشاركة الموظفين والاحتفاظ بهم

لا تقتصر قيمة مشاركة الموظفين على تحسين الأداء اليومي فحسب، بل تمتد لتؤثر بشكل مباشر على استقرار الشركة واحتفاظها بالمواهب. فالموظف الذي يشعر بالارتباط والتمكين يكون أكثر التزامًا بالبقاء والمساهمة المستمرة في نجاح الفريق، مما يجعل المشاركة أداة استراتيجية للحفاظ على أفضل الكفاءات.

أثر المشاركة الفعّالة على الاحتفاظ بالمواهب

تُعتبر المشاركة الفعّالة للموظفين من أهم الأدوات التي تساعد الشركات على تقليل معدل الدوران الوظيفي، إذ أن الموظف الذي يشعر بأن صوته مسموع وأن جهده مؤثر يكون أقل ميلًا للبحث عن فرصة خارجية. وعندما يتم دمج المشاركة في الثقافة التنظيمية اليومية، يتحوّل الانتماء من مجرد شعور عابر إلى التزام طويل الأمد تجاه أهداف الشركة، مما يُقلّل من تكاليف التوظيف والتدريب المرتبطة بتبديل الموظفين ويزيد استقرار الفرق.

تعزيز الولاء والانتماء من خلال المشاركة

كلما شعر الموظف بأن مساهماته تُحدث فرقًا ملموسًا في نتائج الشركة، ارتفع شعوره بالمسؤولية والالتزام تجاه نجاح الفريق. ومن هنا، فإن المشاركة لا تؤثر فقط على بقاء الموظف، بل تعزز ولاءه الداخلي وتدعم ثقافة الانتماء الجماعي. فالموظف المشارك لا يرى نفسه مجرد منفّذ للمهام، بل شريكًا في صناعة الإنجاز، ويصبح التفاني في العمل جزءًا من هويته المهنية.

استراتيجيات عملية لتعزيز الاحتفاظ عبر المشاركة

لتفعيل هذه النتائج على أرض الواقع، يمكن للشركات تبني آليات عملية، مثل:

  • برامج التقدير والمكافآت التي تعكس قيمة مساهمة الموظفين.
  • إتاحة فرص المشاركة في صنع القرار والمشاريع التحسينية.

هذه الأدوات لا تزيد الالتزام فحسب، بل تُغرس شعورًا بالتمكين والمسؤولية، مما يجعل الموظف أكثر استعدادًا للبقاء والمساهمة باستمرار في نجاح الشركة.

الخدمات الذاتية للموظفين وأهميتها في المشاركة

تُعدّ الخدمات الذاتية للموظفين أداة رئيسية لتعزيز المشاركة الفعّالة داخل الشركة، إذ تمنح الموظف القدرة على التحكم في معلوماته، ومتابعة مهامه، والمساهمة في سير العمل دون حاجته للانتظار أو الاعتماد الكامل على الإدارة. فكلما شعر الموظف بأنه قادر على إدارة جزء من عمله بنفسه، زاد شعوره بالتمكين والانتماء، وبالتالي ازداد التزامه تجاه الشركة وأهدافها.

هذه الأنظمة لا توفر الوقت فحسب، بل تُعزّز شفافية المعلومات وتقلل الحواجز الإدارية، مما يجعل الموظف أكثر قدرة على اتخاذ قرارات سريعة ومبنية على بيانات دقيقة، ويزيد من فعالية مشاركته اليومية في الإنجاز والابتكار.

اكتشف كيف تساعد الخدمة الذاتية للموظفين من تالنتو في تعزيز مشاركة موظفيك: اطلب العرض التوضيحي!

دور قادة الشركة في تعزيز مشاركة الموظفين الفعّالة

يلعب قادة الشركة دورًا محوريًا في تحويل مشاركة الموظفين من فكرة نظرية إلى واقع ملموس داخل الشركة، إذ أن الموظفين لا يشاركون بشكل فعّال إلا عندما يرون القيادة تُقدّر مساهماتهم، وتستمع إلى آرائهم، وتدعم مبادراتهم. فالقائد الفعّال لا يكتفي بإصدار التوجيهات، بل يكون قدوة عملية في الالتزام بالمهام والقيم المؤسسية، ويخلق بيئة يشعر فيها الموظف بأن صوته مسموع وأن جهوده محل تقدير حقيقي.

التواصل الواضح والشفاف

القائد الذي يوضح أهداف الشركة ويشارك الموظفين بالمعلومات المهمة بانتظام، يخلق شعورًا بالثقة ويقلل من الشكوك والارتباك. فالتواصل ليس مجرد نقل معلومات، بل إشراك الموظف في فهم الصورة الكاملة وتمكينه من اتخاذ قرارات أفضل.

التقدير والاعتراف بالجهود

من أهم أدوات القائد لتعزيز المشاركة هو الاعتراف بالإنجازات الفردية والجماعية سواء بكلمات شكر، أو مكافآت معنوية، أو فرص للترقية والتطور. فالموظف الذي يشعر بالتقدير يكون أكثر التزامًا، وأكثر استعدادًا لبذل جهد إضافي لتحقيق أهداف الفريق.

تمكين الموظفين وتوفير الدعم

القادة الفعّالون يوفّرون فرص التدريب والتطوير، ويتيحون مساحة للابتكار والمبادرة، ويدعمون اتخاذ القرار ضمن صلاحيات الموظف. هذا الأسلوب يعزز شعور الموظف بالمسؤولية ويخلق بيئة عمل محفّزة تشجع على المشاركة المستمرة.

باختصار، المشاركة الفعّالة للموظفين تبدأ من القادة؛ فكلما أظهر القائد التزامه بالقيم، ووفّر بيئة محفّزة وداعمة، زاد ولاء الموظفين، وتحسّنت جودة الأداء، وانخفض معدل الدوران الوظيفي، مما يجعل الشركة أكثر استدامة ونجاحًا على المدى الطويل.

في نهاية المطاف، تتجلى قيمة مشاركة الموظفين الفعّالة بأنها ليست مجرد شعار تنظيمي، بل هي قوة تحوّل الشركات من بيئات روتينية إلى ميادين ابتكار وولاء مستدام. فقد أظهرت أظهرت دراسة أن الشعور بـ “التقدير والانخراط” (feeling valued & involved) هو من أقوى المحرّكات لمشاركة الموظفين، ويُرتبط ارتباطًا وثيقًا بتوجه الموظف للبقاء في الشركة.

ومن ثم، فإن اعتماد استراتيجيات تُعزّز المشاركة، بدءًا من الخدمات الذاتية للموظف، مرورًا بإشراكه في الإنجازات اليومية، وصولًا إلى قيام القادة بدورهم في تمكينه، ليس خيارًا إضافيًا، بل استثمارًا ذكيًا ومستدامًا لنجاح المنشأة وازدواج فائدتها: الأداء المتفوق والاحتفاظ بالمواهب.

متخصص في تجربة الموظف
11 دقيقة قراءة